روى الإمام ابن كثير في البداية والنهاية في المجلد الثاني عشر أن السلطان نور الدين محمود وهو من سلاطين الإسلام الذين كانوا يقومون الليل ويصومون النهار، ذكر ابن تيمية هذا السلطان فقال: رحم الله تلك العظام؛ لأن تقوى الله يوزعها على البشر سبحانه وتعالى لا تختص بغني ولا فقير، ولا كبير ولا صغير، ولا أحمر ولا أسود، إنما يوزعها سبحانه وتعالى؛ لأنه يعلم القلوب التي تستأهل الهداية.
هذا السلطان أصابته فترة من فترات الذهول والغفلة عندما استعرض جيشه في دمشق ، وعمل مهرجاناً ضخماً حضره الأمراء والوزراء والقواد، وحضره الناس وأهل دمشق في مقام بهيج وفي حفل مرعب، ولما اكتمل هذا الحفل دخل أحد علماء الإسلام اسمه ابن الواسطي ، دخل ببردته ووقف أمام السلطان ثم قال له: استمع أيها السلطان لموعود سلطان السموات والأرض، فتوقف الناس وخمد المهرجان وانتظروا ماذا يقول هذا الواعظ، فقال لهذا السلطان وهو على سرير الملك:
مثل لنفسك أيها المغرور يوم القيامة والسماء تمور
إن قيل نور الدين جاء مسلماً فاحذر بأن تأتي وما لك نور
حرمت كاسات المدام تعففاً وعليك كاسات الحرام تدور
فبكى السلطان تأثراً.